لم يعد سرّاً… فماذا بعد

العرب اليوم

ناهض حتّر
لم يعد سراً أن الأمير حسن قد قرر متابعة “الملف العراقي” إلى النهاية. وبالرغم من التفسيرات التي أعطاها، فإن محور تلك المتابعة يدور حول البحث عن دور سياسي في البلد الذي تتهدده الولايات المتحدة الأميركية بعدوان عسكري يستهدف إسقاط نظام الرئيس صدام حسين وإقامة نظام دمى أميركية مكانه.
إن نسب الأمير، وشخصيته، وثقافته، وخبرته، وعلاقاته العربية والدولية، كلها عوامل مفيدة في تدعيم المشروع السياسي الأميركي لعراق ما بعد صدام حسين. وهذا لا يعني أن الأميركيين سيعطونه فرصة فعلية بالضرورة، ولكنهم مهتمون فعلياً باستخدام رصيده لأغراضهم، وخصوصاً في إعطاء ما يسمى “المعارضة العراقية” شيئاً من المصداقية المفقودة في سياق احتمالات مفتوحة من بينها أن الأمير قد يكون مظلة مقبولة لاجتماع القوى العراقية المضادة للنظام-وهي قوى مشرذمة طائفياً وإثنياً وسياسياً وعشائرياً… إلخ– وتفتقر إلى الحد الأدنى من الصدقية السياسية.
ومع ذلك، فإن المشهد العراقي لن يشهد، في رأينا، تحولات جذرية. فإذا كان العدوان الأميركي المحتمل على العراق في حدود حملة جوية فستنتهي– مهما كانت ضخمة – من دون تغييرات سياسية. وستكون، على الأرجح، تكراراً لما حدث سنة 91: المزيد من الدماء والموت… ومن ثم العودة إلى الربع الأول.
وفي السيناريو الآخر – ولو كان مستبعداً حتى الآن – فليس ثمة معطيات كافية تؤكد أن الحرب الأميركية في العراق لإسقاط النظام (الحملة البرية السياسية) سيكتب لها النجاح. وإذا كان ثمة نقاش حول قدرة النظام العراقي على الصمود أمام هذه الحملة… فمن الأكيد أن العراقيين بعدها سينظمون مقاومة مستميتة دفاعاً عن حرية بلدهم واستقلاله الوطني، وسط صراعات دموية للقوى المتنافسة.
***
في كل الحسابات والسيناريوهات، فإن الأمير حسن يمضي– على الأرجح– في مغامرة غير محسوبة. وإذا كان، على المستوى الشخصي، يظل هو المسؤول عن أعماله ونتائجها… فإنه لمن المؤسف أن الأردن يدفع وسيدفع ثمن هذه المغامرة على عدة صعد من بينها:
1- إلقاء ظلال سود من الشك والريبة على العلاقات الأردنية-العراقية؛ وفي أقل الاحتمالات، تعكيرها.
2- تسميم علاقات الأردن مع السعودية ومصر وسورية. ولكل منها حساباتها المعقدة إزار العراق ومستقبله.
3- إضعاف موقف عمان التفاوضي إزاء الولايات المتحدة الأميركية والتي قد تجد، في مغامرة الأمير، ما يجعلها تصم آذانها عن الخطاب السياسي الأردني المثابر في رفضه للعدوان على العراق.
4- إحراج القيادة الأردنية، عراقياً وعربياً وأميركياً ودولياً؛
وعلى غير صعيد.
إن مغامرة الأمير تعصف وستعصف بصورة الأردن ومصالحه الوطنية العليا، وستساهم في تعقيد العلاقات الأرنية-العراقية، الآن وفي المستقبل.
وربما يكون قد مضى وقت تلافي الآثار السلبية للمغامرة غير المحسوبة ولكننا، مع ذلك، نتوجه للأمير– باسم الأردن الذي أحسب أننا نتشارك حميته ومواطنته– أن يعزف عن هذا الملف الشائك، وأن يوفر على بلدنا وقيادته وشعبه، المزيد من الأخطار. وهي، بالأصل، كبيرة وماثلة.

Posted in Uncategorized.