خيارات الهزيمة

العرب اليوم

ناهض حتّر
من لندن إلى واشنطن، ومن سيدني إلى روما وبرلين وسول … إلى عشرات العواصم والمدن الكبرى في الأميركيتين وأوروبا وآسيا، ولدت حركة جماهيرية ضخمة مضادة للعدوان الأميركي على العراق. ولهذه الحركة طابع أممي، وهي تجسيد سياسي لوعي أممي يتشكل حول قصية دولية، مضمونها الضرورة الموضوعية الناشئة، في عالم اليوم، لإفشال مخططات اليمين الإمبريالي الأميركي الهادفة إلى (1) تحقيق سيطرة عسكرية مطلقة على النطاق الدولي (2) تجاهل وتهميش الهيئات الدولية بما فيها مجلس الأمن (3) تهميش الأقطاب وإعادة الاستعمار المباشر على العالم الثالث (4) السيطرة المطلقة على حوالي نصف الاحتياطي العالمي من النفط، والتحكم، تالياً، وبصورة مباشرة، بحركة الاقتصاد العالمي.
وما تزال الجبهة الأممية التي تتشكل في مواجهة الإمبريالية الأميركية، جنينية ومترددة إّلا أنها موجودة، وتعبر عن وعي يتجاوز الدينيات والإثنيات والثقافات. ومن مصلحة الشعوب العربية أن تندمج في هذا الوعي، وفي هذه الجبهة، إذ أنه من المستحيل هزيمة اليمين الأميركي إلّا على النطاق الدولي … وفي إطار جبهة أمميّة.
إلّا أن العرب والمسلمين ما يزالون، للأسف، أسرى الرّد الثقافوي على الهجمة الإمبريالية المصممة، أساساً، لحشر الشعوب في مأزق الدوران في دائرة مغلقة من الصراع الثقافوي بين رجعية اليمين الأميركي ورجعية اليمين المحلي. ولا تستقطب هذه الدائرة، فقط الجماهير العربية والمسلمة ولكن، أيضاً، مثقفين علمانيين وتقدميين انهاروا تحت ضغط الصراع، وتحوّلوا إلى سلفيين. وهذا المناخ هو الذي يزيّن الإرهاب وهو أسوأ رد ممكن على الهجمة الإمبريالية، فهو يقويها ويعزز ادعاءاتها، ويمنع الجماهير من الاندماج في الوعي الأممي وفي الحركة الأممية القادرة، وحدها، على التصدي المثمر للهمجيّة الإمبريالية.
***
الإرهاب، وهو، بطبيعته، فردي ونخبوي. والرد الثقافوي. وهو بطبيعته، رجعي… كلاهما يؤذنان بهزيمة حتمية لا منجاة منها إلّا بالحركة الجماهيرية الديمقراطية التقدميّة الأممية التي تحشد طاقات الشعوب، على كل صعيد، في معركة البشرية نحو الخلاص.
] القصة من أولها [
عشية الاستفتاء على رئاسة الرئيس العراقي صدام حسين لـ 7 سنوات أخرى، بادرت القيادة العراقية إلى إجراء اتصالات مكثفة – تولاها مسؤولان عراقيان بارزان هما نزار حمدون وعبد الرزاق الهاشمي– وشملت هذه الاتصالات كلاً من الكاتب والسياسي اليساري عبد الأمير الركابي المقيم في باريس (وهو داعية حوار مع النظام العراقي منذ مطلع التسعينيات) وعبد الجبار الكبيسي (القيادي السابق في الجناح السوري لحزب البعث) وباقر إبراهيم (عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي) وصلاح عمر العلي (عضو القيادة القطرية سابقاً ورئيس تجمع الوفاق الديمقراطي المعارض…) وعوني القلمجي (القيادي الناصري) بالإضافة إلى أكاديميين ورجال دين ومثقفين عراقيين معارضين مقيمين في الخارج. وقد تم اختيار هذه الشخصيات وفقاً لمعيارين هما (1) الموقف المناوئ للمخططات الأميركية (2) التمسك بصدام حسين رئيساً للعراق.
وقد تم التكتم على هذه الاتصالات، بحيث يكون إعلانها تالياً للاستفتاء على التجديد للرئيس صدام حسين فترة رئاسية أخرى، وبنسبة 100 بالمئة، كي يكون هذا الإجماع منطلقاً للتغييرات الديمقراطية في العراق.
هذا، ووفقاً لمعلومات شيحان، فإن المعارضين العراقيين الذين تم الاتصال بهم عشية الاستفتاء، أوكلوا لعبد الأمير الركابي إعداد مذكرة جوابية موجهة إلى القيادة العراقية تتضمن تصوراً لأرضية التعاون على أساس “تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية في العراق”. وقد أعد الركابي المذكرة وتمت المواقفة عليها من قبل المشاركين في الحوار وإرسالها بالبريد الإلكتروني إلى السفارة العراقية في عمان.
وتؤكد المذكرة على “الخيار الوطني… نهجاً في إطار الاختيار الحر، ومن ضمن خطة وطنية شاملة لمقاومة العدوان” وأضافت المذكرة أنه “من الأفضل وضماناً لأقصى وأسرع فعالية ممكنة أن يتم الإعلان عن عفو عام وشامل وعن تشكيل حكومة وطنية تكلف بتشكيلها شخصية معارضة تمنح حرية اختيار أعضائها على أن يكون مبدأ التكليف هو تمتع الحكومة الجديدة بصلاحيات كاملة”.
وتستطيع شيحان أن تؤكد أن الرئاسة العراقية عرضت، عبر حمدون والهاشمي، رئاسة حكومة الوحدة الوطنية على عبد الأمير الركابي، وأن الأخير وافق … وأن الأخبار السارة…في الطريق
***

Posted in Uncategorized.