الفايز «قلعة»… فمن يختبئ وراءها؟

ناهض حتر

زميل مجرب، ومحترم-لن أذكر اسمه… لان حوارنا كان شخصياً… ولكنه «ابن عشيرة اردنية بارزة واسلامي معتدل» أي انه، على نحو ما، يمثل متوسط الرأي العام الاردني، وصف فيصل الفايز… بانه «قلعة» وكان يشير، بالطبع، الى «وضع» الرئيس وشخصه-وليس الى قدراته وأدائه ومنهجه «وكل ذلك ما يزال في احتمالات الممارسة الآتية».
فالرئيس.. «قلعة» لانه:
– آت من القصر، وهو من رجال الملك، ووزير بلاطه.
– وهو ابن قبيلة اردنية حصينة، لطالما كانت العمود الاساسي من الاعمدة الداعمة للنظام السياسي الاردني، هي قبيله بني صخر.
– ومن عائلة لها مكانة خاصة عند الاردنيين هي عائلة الفايز. والرئيس هو ابن شخصية مرموقة من هذه العائلة، المرحوم عاكف الفايز… الذي كان -بالاضافة الى ولائه التقليدي للنظام -محسوباً على الوطنيين، وقد تولى مناصب ومواقع عديدة… اهمها موقعه المعنوي عند ابناء البلد.
وبعد ذلك… فالرئيس مهذب تهذيباً اصيـلاً كأرستقراطي، ويعرف المقامات، ويحترم الاشخاص والشخصيات… كما يليق بشيخ تربى في بيت كريم ووطني.
وقد كانت هذه الصفات، بالذات، وراء اختيار فيصل الفايز، وزيراً للبلاط في وزارة هدفها تعزيز العلاقات بين القصر والشخصيات الاردنية والمجتمع الاردني.
وسأذكر، هنا، واقعة عرفتها عن قرب، ففي ابان الحرب الاميركية على العراق في اذار الماضي، اصدرت «99» شخصية اردنية رسالة مفتوحة الى الملك عبد الله الثاني ترجوه اعلان موقف من العدوان وعدم الاعتراف بما ينشأ عنه سياسياً.
وقد كان لتلك الرسالة وقع مدو اذ وقعها رؤساء وزارات ووزراء وضباط كبار متقاعدون «بالاضافة الى لفيف من القيادات الوطنية والمثقفين. وكان الوضع الاقليمي والداخلي، حرجاً للغاية… والصلات بين رئيس الوزراء علي ابو الراغب وبين القوى والشخصيات السياسية، شبه مقطوعة. وفي تلك اللحظة بالذات، اوفد الملك، فيصل الفايز، الى كبار الاردنيين الموقعين على الرسالة، للاستماع اليهم والتشاور معهم وكان الملك يعرف، جيداً، ان اولئك الكبار، سوف يستقبلون الفايز بما يليق بمكانته وذكرى والده… وكان متأكداً من ان الفايز سوف يعرف جيداً كيف يتحدث الى الكبار!».
***
الفايز «قلعة»!
واذا كان، عنده، برنامج يتصل بالتزاماته الاجتماعية والسياسية، فربما كان الاقدر على ادارة المرحلة القائمة والقادمة، وهي صعبة جداً بين الحريق العراقي والحريق الفلسطيني… وربما الحريق الآتي في الشام… وبين ضرورات الحفاظ على المملكة واستقرارها، وتطورها الاقتصادي والسياسي.
غير ان الزميل وانا، ابدينا مخاوفنا العميقة من ان يكون برنامج اجتماعي -سياسي مضاد هو الذي يختفي وراء «القلعة»، والمقصود: البرنامج الاميركي الذي يقوم على محورين.
المحور الاول-حسم المعركة نهائياً مع الدولة الاردنية «القديمة»، دولة القطاع العام والرعاية الاجتماعية والعشائر، نحو بناء الدولة الاردنية الجديدة، دولة القطاع الخاص الكمبرادوري والادارة الاقتصادية.
المحور الثاني -الابتعاد عن الرابطة العربية، والاندماج في المشروع الاميركي للمنطقة، وتلبية متطلباته، ذاتيا… وبخطوات متسارعة. وهو ما يعني مطالبة الاردن اتباع سياسات الدعم للمخططات الاميركية في العراق -والمنطقة.
***
اذن، فالخوف الاردني ماثل… في ان يكون انصار هذا البرنامج -وهناك مؤشرات اساسية على ذلك -مختبئين وراء قلعة فيصل الفايز!

وهنا يأتي دور «القلعة»!
***
غير انه، في تكوين الحكومة الجديدة، توازنات… قد تسمح لفيصل الفايز -اذا اراد -بان يكون مستقلاً ورئيساً حقيقياً. فإلى جانب المجموعة الاقتصادية، هناك مركزان قويان ايضاً:
ففي السياسة الداخلية، تم تكليف وزيرين مسيسين -وربما ما يزالان يحتفظان بالتزامات اردنية وعربية -هما محمد داودية «لشؤون التنمية السياسية» وسمير الحباشنة «للداخلية».
وفي السياسة الخارجية، احتفظ مروان المعشر… بوزارة الخارجية، وهو -بالرغم من اعتراضنا على منهجه -يعبر عن التوازنات، بدقة.
***
على كل حال، فحكومة الفايز، هي، على نحو ما، استمرار لحكومة علي ابو الراغب، بل انها تشتمل على «12» وزيراً من وزرائه!
واذا كانت المؤشرات الاولى تقول بان الحكومة الجديدة هي نتيجة الحسم في صراعات الحكومة السابقة، فان هناك مؤشرات، بالمقابل، تشير الى امكانية استمرار الصراعات.

Posted in Uncategorized.