الدفاع… خارج الأسوار

ناهض حتّرأصبح الوقت ضيقاً حداً، أمام الأردن، لاستدراك النتائج الوخيمة للانهيارات السياسية والأمنية في فلسطين والعراق وربما لبنان.
إنني أؤيد، من دون تحفظ دعوة الزميل فهد الخيطان إلى إغلاق المعابر والمراكز الجمركية ونشر الجيش على الحدود، ومنع الهجرات نهائياً، من دون الالتفات، لحظة واحدة، للضغوط السياسية والإنسانية. فالأمن الوطني الأردني مهدد، والحفاظ على كيان الدولة الأردنية، له أولوية مطلقة على كل الاعتبارات. وعندما تجد حكومتنا، الشجاعة الكافية لاتخاذ إجراءات صارمة، في هذا المجال، فلسوف تحظى بدعم وطني غير مشروط.
لكنني أرى أن ذلك، وحده، ليس كافياً. فالمطلوب الآن المبادرة إلى “الدفاع خارج الأسوار” ولا أدعو، بالطبع، إلى تدخل عسكري بل إلى مداخلات سياسيّة ديناميكية للمساهمة في إطفاء الحرائق.
لقد اتضح الآن أن السياسات الأردنية المتبعة في العراق وفلسطين، لا تخدم مصالحنا الوطنية الاستراتيجية، بل ترتد علينا وبالاً، على شكل هجرات قائمة وقادمة، ومخاطر أمنية وسياسية.
مسايرة نهج بوش– تشيني في العراق، ودعم “العملية السياسية” الطائفية، يقودان هذه البلد إلى حرب الأهلية. وربما أصبح على عمان الآن أن تضع الرضا الأميركي جانباً، وتباشر بنفسها علاقات متعددة وواسعة النطاق في صفوف العراقيين، على أساس الحفاظ على وحدة العراق وتماسكه الوطني واستقراره الاجتماعي– السياسي والأمني. ولم يعد ذلك كله ممكناً في ظل الاحتلال الأميركي أو بالتعاون مع الأميركيين. والبديل الأنجع، الآن، هو الحل الدولي المرتكز على عملية سياسية وطنية جديدة يضمنها المجتمع الدولي والقوات الأممية. وعلينا أن نطلق حملة دبلوماسية نشطة للتفاهم على هذه الحل، مع العواصم العربية-وخصوصاً سورية – وإيران وأوربا وروسيا.
في فلسطين، لعبنا، طوال العام الفائت، مباشرة ضد مصالحنا. فإذا كانت هذه الأخيرة، تقوم على ضرورة الحفاظ على الكيان الفلسطيني وتسريع خطوات الحل القائم على دولتين، فلقد اتبعنا، ههنا، سياسات مضادة تتمثل في القطيعة مع حماس، والتحالف مع الرئاسة الفتحاوية ضد الفئات الأعلى– في الدخل– هي الفئات الرأسمالية. والفئات الأدنى–في الدخل– هم من المستورين والفقراء والمهمشين.
وتتألف الفئات الوسطى من المهنيين الراسخين (الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين وأساتذة الجامعات والإعلاميين … إلخ) والمدراء وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التجارية والزراعية والصناعية والخدمية إلخ.
وهؤلاء هم أكثر الفئات الاجتماعية نشاطاً في تكوين الطلب المحلي في مختلف المجالات، وفي تحريك الحياة السياسية والثقافية، وفي الإبداع، وفي تمويل التضامن العائلي. وهم مركز البلد. ومنهم يتشكل جمهور المستثمرين الصغار، وجمهور المستهلكين…إلخ
ويوجه المشروع لهؤلاء، ضربة موجعة بمصادرة كل الفوائض المالية لديهم، ما سيؤدي إلى شلّ قدرتهم على الحركة والنشاط والطلب المحلي. وباختصار سنكون بإزاء اتجاه للركود الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وإلحاق المزيد من الفئات الوسطى بالطبقات الشعبيّة.

Posted in Uncategorized.