إيرانياً وعربياً

 

ناهض حتّر
أثبتت إيران، بمناسبة استشهاد الرئيس صدام حسين بكل ما أحاط به من مشاعر الانتقام المذهبيّة الفارسيّة الحاقدة – أنها عاجزة عن فهم العالم العربي، وأن غرائزها الانتقاميّة تقودها إلى الغباء السياسي… والخسارة.
نعم. ربما كانت إيران الخاسر الأكبر، جراء التفاعلات الناجمة عن إعدام الرئيس صدام بالصورة الانتقامية المشبعة بالرموز المعادية للسنّة وللعرب والعراق.
فهي لم تفلت– ولا يمكنها أن تفلت– من اعتبارها الجلاد الرئيسي للرئيس الشهيد، وإهانة العرب وأغلبية المسلمين.
أولاً – إن المليشيات التي ارتكبت الجريمة، محسوبة على إيران. ولا أحد يصدّق أنها كانت بمنأى عن التخطيط للجريمة وحدوثها في مشهد من شأنه تمزيق الأمة مذهبياً.
ثانياً – إن تصريحات المسؤولين الإيرانيين– ومن ضمنهم كبار النظام– المبتهجة “بالنصر” الذي تحقق بإعدام الرئيس صدام، والتي تعتبر أنه تعبير عن “العدالة الإلهية”، تكمل الصورة.
ثالثاً – إن تطابق تلك المشاعر المبتهجة والتصريحات مع مثيلاتها الإسرائيلية، من شأنه أن يطيح بكل الدعاية الإيرانية عن العداء لإسرائيل. فقد وجدت أغلبية العرب والمسلمين أن طهران وتل أبيب تقفان على الأرض نفسها فيما يتصل بالعراق، وتنسجمان نفسياً وسياسياً إزاء الفاجعة التي حلت في كل بيت عربي. لقد ظهرت إيران موحدة مع إسرائيل… ضد العرب.
صورة إيران بظلالها المذهبية الفارسية الأميركية الإسرائيلية، اكتملت في الوجدان العربي ولم يعد ممكناً تغييرها إلى أمد بعيد. وهو ما يمثل خسارة استراتيجية لإيران في صراعها الملتبس مع الأميركيين حول نظامها وبرنامجها النووي.
لقد تحول ملايين العرب، في ليلة واحدة، من تأييد إيران في مواجهة أميركا، ومن اعتبارها حليفاً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد اسرائيل، إلى كونها عدواً.
وبمثل مشاعر الانتقام المذهبية المتخلفة سياسياً التي مارستها طهران ضد العرب في المشهد الاستفزازي لاغتيال الرئيس الشهيد والابتهاج به، على الرغم من أنه تم تحت الاحتلال الأميركي، وبقرار أميركي وحماية أميركية… فإن الرأي العام العربي سوف يعتبر ضربة أميركية مماثلة لإيران، بعد هذا، نوعاً من “العدالة الإلهية”.
وهذا دليل حاسم على أن إعدام الرئيس الشهيد، لم يكن-مثلما قالت الخارجية الإيرانية-انتصاراً للشعب العراقي، بل للخطط العدوانية الأميركية في المنطقة.
***
بالنسبة لحلفاء إيران العرب- ما عدا سورية-الضربة، أيضاً، موجعة. “حماس” التي أصدرت بياناً اعتبرت فيه إعدام الرئيس “اغتيالاً سياسياً” لم تستطع أن تساير المشاعر الجماهيرية الفلسطينية التي التقطها الفتحاويون، بذكاء، من أجل إعادة تأسيس اندماجهم بالشارع. أما حركة “الجهاد”، الحليف الأبرز لطهران في الساحة الفلسطينية، فقد توارت عن الأنظار.
في لبنان، اهتزت صورة حزب الله بعنف، ونقد، فجأة، وهجه العربي الذي حصله بمواجهته المجيدة مع الغزاة الإسرائيليين في الصيف الماضي. وبات على الحزب أن يدفع الثمن الباهظ لفاتورة المساعدات الإيرانية، بظهوره، مرة أخرى، حزباً مذهبياً، أتاح ويتيح لخصومه التحشيد، ضده، على هذا الأساس بالذات.
ولطالما نصحنا هذا الحزب بأن رهانه، على المستوى الاستراتيجي، هو رهان عربي-ومفصله العراق-لا برهان الإيراني. وكان-وما يزال-حائراً بين خسارة العرب… أو خسارة المساعدات الإيرانية؛ مع أننا نعتقد أنه يستطيع أن يحصل على الأمرين معاً، باتخاذه مواقف صريحة من الشأن العراقي تنسجم مع مواقف الأغلبية العربية، والتأثير، بما له من قوة معنوية، على الشيعة العراقيين وعلى إيران التي ستظل ملزمة-لأسباب استراتيجية-بمساعدته.
***
وبالنسبة للأنظمة العربية التي لم تنسجم مواقف ومشاعر شعوبها من فاجعة مشهد إعدام الرئيس الشهيد، فهي كرست، مرة أخرى، لا شرعيتها، وأصبحت أكثر ضعفاً سواء أحيال أميركا أم إسرائيل أم إيران.

Posted in Uncategorized.