وطرد الجاحد

شيحان

تقارير أردنية
ناهض حتّر
تحت هذا العنوان، ناقش الزملاء في شيحان، قضية المقال العدائي الذي كتبه «العين» السابق، جواد العناني، في صحيفة عربية، تحت عنوان «الاردن المحاصر» وادى الى تفاعلات سريعة، انتهت باستقالة العناني من مجلس الاعيان الأردني.
وقالت شيحان ان العناني انقلب على الاردن، بعد ان كان وزيرا عدة مرات ونائبا لرئيس الوزراء ورئيسا للديوان الملكي وعينا، فهو، اذن «الجاحد» الذي نهلل لطرده، ولا نسأل كيف تسرب هو، وامثاله من اعداء الكيان الاردني، الى اعلى المناصب في هيئات الدولة الاردنية؟ وبعضهم ما يزال… ومعروف! ثم ولا نسأل: لماذا لم تنتبه هيئات الدولة الى حملة العناني على الاردن، الى ان يتصدى الزميل سميح المعايطة في «العرب اليوم» (2/7/2001) بقوة وعمق، الى مناقشة دلالات اراء «العين» المحترم؟! فاين مدعي عام محكمة امن الدولة، واين دوره في حماية امن الدولة… من الاساءة المتعمدة للامن الوطني للوحدة الوطنية يمارسها عين… يحمل على كتفية شارات أعلى المناصب التيارية الاردنية؟!
وربما لا ينظر العناني الى هذه الشارات باحترام «… فهو كان وزيرا ويقلد اصوات الحيوانات في «الحفلات». وكان رئيسا للديوان الملكي ويعمل في اوقات فراغه مذيعا في احدى الفضائيات. ولكن من لا يعرف العناني وخفته وولهه بالمال انى كان مصدره، سيأخذ هذا «العين» جدا، ويأخذ تحليلاته واراءه ثقة فهي صادرة عن رجل كان في قلب آلية صنع القرار الاردني لعقدين ايضا!
وينظر العناني الى القرارات الحكومية من وجهة نظر اقليمية صريحة فاضحة، عالجها الزميل جميل النمري في «العرب اليوم» (5/7/2001) غير ان احدا من الكتاب الاردنيين من اصل فلسطيني، لم يندد بالعناني ولو بكلمة! افليست هذه فضيحة أخرى؟!
العناني يؤيد الترانسفير من الاراضي المحتلة، ويعتبر كل قيد –ولو كان من الحرير-على تصاعد ذلك «الترانسفير»، انتقاصا من حقوق الاردنيين من اصل فلسطيني… وهو لا يخجل اذ يحسب علنا… مَنْ مِن الوزراء الجدد من هذا الاصل أو ذاك! ويغدو-وهو الذي لم يعط لحظة واحدة من حياته لفلسطين وحريتها وشعبها-حريصا على حق «حماس» في النشاط السياسي في الاردن؟! فلماذا؟؟!!
وليس العناني جزءا من ظاهرة تحول قسم من المسؤولين السابقين الى المعارضة… فهذه الظاهرة الاردنية لها اسسها الاجتماعية-السياسية العميقة، وخصوصا لجهة التحولات الكبرى التي شهدها تكوين النظام السياسي الاردني في التسعينات.
اما العناني، فلانه، بالاساس، ليس جزءا من التكوين الاردني، انه متسلسل لا غير، هذا ليس طاهر المصري-المعبر عن ظاهرة اجتماعية-سياسية، اردنية-فلسطينية، خاصة، لها جذورها المتشابكة على ضفتي النهر.
ولكن، ما هي اطروحة العناني؟ دعونا نوجزها كالتالي:
1) هناك اجواء تشاؤم في الاردن ازاء مستقبله، بل ان «جغرافية الاردن ونظامه السياسي… مرشحان للتبديل» وهو «سوف يوزع على ثلاثة بلدان مجاورة-ومنها الدولة المتوقعة في فلسطين لحل ازمتي اللاجئين والحدود» وهو قد «يتحول الى الوطن البديل» الى اخره من السيناريوهات المتشائمة التي ينقلها العناني عن اردنيين مجهولين، وطالما ان العناني لم يحدد مصادره، يكون ما اورده عن تلك المصادر «الغفل» يمثل تفكيره الشخصي.
2) ويرى العناني في «حل البرلمان» و«التعديل الحكومي» و«الدعوة الى قانون عصري للانتخابات العامة» و«السماح لنقابات العمال بإنشاء حزب خاص، ويشكل «صحوة» اردنية لتحريك الحياة السياسية، ومواجهة المخاطر المنوه عنها في الفقرة الاولى.
3) لكنه، اسفا، يرى ان هذه «الصحوة» تبخرت بعدد من القرارات المضادة لمصالح الاردنيين من اصل فلسطيني، وهذه القرارات هي «أ» القيود على القادمين من الضفة الغربية وغزة «ب» ازمة الناطق السابق باسم «حماس» المهندس ابراهيم غوشه «ج» عدم مراعاة التعديل الوزاري للكوتا الفلسطينية.
وهكذا، فالمنطق الداخلي لنص العناني، هو كالتالي [1] -توجد مخاطر تهدد الاردن، نظاما ودولة وجودا، [2] -وتلاقي في هذه المخاطر يتم، فقط، بالخضوع لتلبية مصالح الاردنيين من اصل فلسطيني، كما يحددها العناني بوصفه معبرا عن هذه المصالح، وهى – كما يمكن استنتاجه من نص العناني نفسه كالتالي: 1) اعتبار الاردنيين من اصل فلسطيني «طائفه» لها «كوتا» 2) السماح لهذه «الطائفة» بزيادة عددها بغض النظر عن المصالح الوطنية الفلسطينية والاردنية 3) السماح لهذه الطائفة بازدواجية الولاء السياسي… وهذه هي «شروط» العناني التي ينبغي تحقيقها، لكي يكون في صف الدولة الاردنية ضد السيناريوهات المتشائمة، فاذا لم يعد بشخصه الى مواقعه، السابقة في هيئات الدولة، وهذه المرة ممثلا للكوتا الفلسطينية، اي شريكا في القرار لا مجرد موظف كبير، فهو يلوح بالمساهمة في تلك السيناريوهات التي «يقول البعض»- حسب العناني-ان محاولات الاردن مقاومتها «تراجيدية» اي انها محاولات ضد قدر محتوم!!
مقال العناني، اذن، ليس مجرد مقال، بل هو «بيان سياسي شامل»، ربما كان يعكس اسلوب تفكير فئة كاملة ممن يرون في انفسهم مؤهلين لركوب الموجة الامريكية-الاسرائيلية، وتقديم انفسهم كأدوات ملائمة للسيناريوهات المعادية للدولة الاردنية، وهؤلاء لا ينطبق عليهم التحليل الاجتماعي-السياسي الذي يمكن ان يفسر تحول المسؤولين السابقين الى معارضين»… فنحن، هنا، بالعكس امام ظاهرة اخرى يمكن وصفها-بدقة- كالتالي: انه بسبب الاليات البطريركية الاستبدادية لانتقاء المسؤولين في العقود الثلاثة السابقة، تسرب الى هيئات الدولة الاردنية، معادون مثابرون للاردن، وطنا ودولة وشعبا، وقد وجد هؤلاء في غياب الملك حسين، وتعمق الازمة الاقتصادية للبلاد، واحياء المشاريع الشارونية المعادية للكيان الاردني والرعاية الامريكية للتوطين السياسي النهائي في الاردن الاجواء الملائمة للحركة العلنية ونصف العلنية، والسعي الى تكوين آليات محلية للمشاريع الاقليمية، واستخدام هذه الآليات في فرض وجودهم السياسي على الدولة الاردنية، حتى يتحقق القدر المحتوم.
لكن القدر ليس محتوما بالطبع، والمستقبل لا تصنعه وطاويط الظلام والمخططات الاستعمارية، بل الشعوب، وقد اثبت الشعب الاردني، تكرارا، انه قادر في اللحظات الصعبة، على الدفاع عن دولته الوطنية، وحمايتها، وتأكيد هويتها العربية الاردنية، ودورها الاقليمي، ومكانتها الان-وفي المستقبل.
وثقة الاردنيين بأنفسهم، وبقدرتهم على الصمود والنصر، هي مصدر تلك النظرة الساخرة الى المخططات المعادية… بوصفها كوميدية.0

Posted in Uncategorized.