عمان وتل ابيب تتفقان على احد عناصر الحل النهائي شارون يتبنى خطة بيريز حول اخدود وادي الاردن

عمان

ناهض حتر

في البيان الاردني الاسرائيلي الصادر في العاصمة الاردنية عمان، الاثنين الماضي، تأكيد على تأليف لجنة ثنائية تتابع، فوراً، المشاريع المشتركة في »اخدود وادي الاردن« وذلك »في

مجالات المياه والصناعة والزراعة والطاقة والاتصالات والنقل والسياحة… الخ«. ودعا البيان، الذي صدر عن لقاء بين ولي العهد الاردني الامير حسن والمسؤولين الاردنيين وبين وزيري الخارجية والصناعة والتجارة الاسرائيليين، ارييل شارون وناتان شارانسكي، الى »عقد اجتماعات عاجلة للمسؤولين المعنيين، في كلا الدولتين، للبحث في تنفيذ تلك المشاريع.و»اخدود وادي الاردن« يشمل الاغوار الفلسطينية والاردنية وامتداداتها، اي مجمل أراضي حوض نهر الاردن، على طول حفرة الانهدام الطبيعي بين البلدين، وهي التي تمثل (اخدوداً) يبدأ من بحيرة طبريا وينتهي في وادي عربة.وتسيطر اسرائيل، منذ 1948، على الاجزاء الشمالية والجنوبية من الضفة الفلسطينية للاخدود. وسيطرت، في حزيران 1967، على الاجزاء الوسطى منها (اغوار الضفة الغربية) والتي اعلنت الحكومات الاسرائيلية، اليمينية واليسارية، مذ ذاك، انها، وفي إطار اي حل سلمي، لن تنسحب منها. فهي تعتبر الاغوار الفلسطينية، كلها، وحدة متصلة واحدة غير قابلة للتجزئة، بأعتبارها »حدوداً أمنية«، وفي الحقيقة، بأعتبارها ايضا، منطقة »تنموية«. بل ان الصهاينة علّقوا، منذ الثلاثينيات، اهمية كبرى على الآفاق التنموية الممكنة لأخدود وادي الاردن كله، معتبرينه، بضفتيه، منطقة حيوية لمستقبل اسرائيل.وانطلاقاً من هذا الفهم الاستراتيجي، استقدمت الوكالة اليهودية، عام 1939، خبير التربة والمياه الاميركي (لودر ملك)، وكلّفته إعداد دراسة شاملة لاستغلال وادارة اخدود وادي الاردن.وبين 1939 و1944، اجرى لودر ملك وفريقه، مسحا شاملا ودراسات ميدانية لموارد الاخدود وأراضيه؛ وقدم، في النهاية، تقريراً تضمن التوصية بإنشاء جملة مشاريع »متكاملة« بما في ذلك استصلاح الأراضي وإقامة شبكة من السدود وقنوات الري تنطلق من اعتبار بحيرة طبريا، »خزانا مائيا« للاخدود كله، وشق قناة البحرين (المتوسط والميت) وتعمير صحراء النقب وإقامة صناعات ومتنزهات ومنتجعات سياحية، وغيرها من المشاريع التي تم إحياء أفكارها منذ التوقيع على المعاهدة الاردنية الاسرائيلية في خريف 1994، واعتبرت، أساسا للتنمية الاقتصادية الاسرائيلية الاردنية الفلسطينية المشتركة، او الكونفدرالية الاقتصادية الثلاثية، التي دعا إليها وزير الخارجية الاسرائيلي، في حكومة اسحق رابين، شمعون بيريز، في إطار المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال افريقيا، الذي عُقد في عمان، ايلول 1995.وكانت الفكرة الاساسية التي تبناها لودر ملك، واجرى دراساته على أساسها، هي اعتبار اخدود وادي الاردن كله، بضفتيه، وحدة متكاملة لا تقبل التجزئة. واقترح على اساس ذلك، تشكيل سلطة واحدة لادارة وادي الاردن وموارده وأراضيه ومياهه ومشاريعه، على أسس اقتصادية، لا تأخذ بالاعتبار، الابعاد السياسية. وهكذا، لم يتردد لودر ملك بالتوصية بترحيل البدو من سكان وادي الاردن الى صحراء الرافدين في العراق، بحيث تستلم السلطة الادارية المقترحة، وادي الاردن، خلواً من السكان »الذين يتعارض نمط حياتهم مع نمط التنمية الحديثة للوادي«.ومما يدعو للدهشة، ان الحكومة الاردنية هي التي بادرت الى استذكار مشروع (لودر ملك)، وتبنت، في حزيران 1995، الدعوة لاقامة سلطة اردنية اسرائيلية مشتركة لادارة اخدود وادي الاردن، يساهم فيها الفلسطينيون، لاحقا، حسبما تنتهي إليه مفاوضات الحل النهائي على المسار الفلسطيني؛ غير ان الفكرة نفسها، في الواقع، كانت احدى أفكار الحل النهائي، بحيث يكون هناك مخرج للفيتو الاسرائيلي على الانسحاب من الاغوار الفلسطينية في الضفة الغربية، بوساطة اشراك السلطة الفلسطينية في الادارة المشتركة لأخدود وادي الاردن، على ان تظل ضفته الفلسطينية، منطقة عسكرية اسرائيلية.ولدى نجاح الليكود في الانتخابات الاسرائيلية في حزيران 1996، وتشكيل حكومة اسرائيلية يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، تراجع مشروع شمعون بيريز، المنطلق من اتفاقيات اوسلو، لاقامة كونفدرالية اقتصادية ثلاثية، وبدأ المسار الفلسطيني يتراجع امام الانقلاب الليكودي على اوسلو. وهكذا طويت صفحة التنمية المشتركة لأخدود وادي الاردن، ورفضت حكومة نتنياهو، بالرغم من الإلحاح الاردني، مناقشة المشاريع المشتركة والتي تشمل، وفقاً للدراسات المقدمة الى مؤتمر عمان الاقتصادي في صيف 1995، ما يلي: الطرق، الاتصالات، المطارات، السياحة، المياه، الطاقة، المناطق الصناعية، السكك الحديدية الخ بكلفة عدة مليارات من الدولارات، المأمول تأمينها من ممولين دوليين.وقد جدّد التوقيع على اتفاقية واي بلانتيشن بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، النقاش حول مشاريع التنمية المشتركة في اخدود وادي الاردن؛ فقد حمل آرييل شارون معه، بعد مشاورات مع الجانب الاردني، هذه المشاريع الى مفاوضات واي بلانتيشن، ثم بحث البدء بتفعيلها مع ولي العهد الاردني، الامير حسن، والمسؤولين الاردنيين، لدى زيارته الاخيرة الى عمان، حين اتفق الجانبان على لجنة ثنائية لمتابعتها »فوراً« مما يدعو الى الاعتقاد بأن العودة الى مشروع (لودر ملك) ربما كان عنصراً أساسياً من عناصر الحل النهائي الذي تحدد إطاره في واي بلانتيشن، على أساس القبول الفلسطيني بالسقف الليكودي في مجالات اعادة الانتشار واللاجئين والقدس؛ والقبول الليكودي، الضمني، باقتراح شمعون بيريز، القاضي بإقامة (1) كونفدرالية سياسية بين الاردن والفلسطينيين (السكان وليس الأرض وفقا لمفهوم الحكم الذاتي) و(2) كونفدرالية إقتصادية ثلاثية اسرائيلية اردنية فلسطينية، تأخذ بالاعتبار المطالب الأمنية والسياسية الاسرائيلية، وتعطي للفلسطينيين والاردنيين، الأمل بالانخراط في مشروع تنموي كبير، تستطيع تل ابيب، بما لها من نفوذ في الولايات المتحدة الاميركية ومن علاقات دولية، تأمين الاموال اللازمة لتشغيله. وليس بدون دلالة ان شارون، بحث مع الامير حسن، في الآن نفسه، الشروط الاسرائيلية للحل النهائي (اعادة الانتشار بحدود 42$ من أراضي الضفة الغربية، وشطب موضوعي اللاجئين والقدس من المفاوضات النهائية) جنباً الى جنب مع بحث مشاريع وادي الاردن. ومن المؤكد ان الزيارة المرتقبة لامين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، محمود عباس (ابو مازن) الى العاصمة الاردنية، بعد زيارة آرييل شارون لها، تأتي في إطار تنسيق الموقف المشترك، الهادف الى تحسين شروط التفاوض، ولكن في الاطار المحدد اسرائيليا. التمويل سيبقى، بالطبع، عقبة اساسية امام تنفيذ مشاريع اخدود وادي الاردن، وهو ما سيؤجل فوائده الاقتصادية بالنسبة للاردنيين والفلسطينيين؛ ولكن الادارة المشتركة للاخدود، ستتيح للاسرائيليين، الاشراف الأمني ليس على ضفته الغربية فقط، ولكن على ضفته الشرقية ايضا.

Posted in Uncategorized.