… حين تكون عمان عاصمة العرب الثقافية2002من أجل استراتيجية سياسية للنشاط الثقافي

العرب اليوم
شؤون اردنية
ناهض حتّر
سوفَ تُداهمنا سنة 2002، حين تسمى عمان “عاصمة ثقافية للعرب”، ونحن بلا رؤية ولا استعدادات حقيقية ولا انجازات بارزة؛ بل لجان ولجان ولجان ونفقات بلا جدوى واحتفالات باهتة للاستهلاك المحلي.
والثقافة شأن أخطر من ان يترك للادباء والشعراء والموظفين والبروتوكولات والمَلَق والشللية… الخ بينما نحن احوج ما نكون لهذه المناسبة الثقافية الكبرى، سياسياً. فهل وضعنا استراتيجية للافادة منها؟ وهل فكر احد بالتصدي لتحديات المناسبة على المستوى السياسي؟
بصراحة مطلقة نقول ان الاردن ليست له شعبية بين صفوف المثقفين العرب. فالدعاية المكثفة، منذ الخمسينات، المرتكزة على ان الاردن “كيان مصطنع”…- وهي دعاية ما يزال الايديولوجست المصري محمد حسنين هيكل، يواصلها- ثم الدعاية التي شنتها المنظمات الفلسطينية، منذ السبعين، المرتكزة على خرافة “ايلول الأسود”، ثم ما صنعناه نحن في معاهدة “وادي عربة”، 1994، وماتلاها من سياسات التطبيع الرسمي الساخن مع اسرائيل؛ وذلك كله، مشفوعاً بالعداء الاميركي- الاسرائيلي العميق للكيان الاردني، ادى الى انتشار صورة عن اردن “صحراوي” و”مصطنع” و”بدوي” وفقير ثقافياً، بل هو عبارة عن خلاء اجتماعي تشغله عشائر بدوية، ولاجئون… من بينهم يأتي منتجو الثقافة! وهذه الصورة الشوهاء سيطرت على معظم التعليقات والمناقشات التي جرت، في الاعلام العربي، بمناسبة رحيل الملك حسين في شباط 1999. وقد كان لي شخصياً شرف القيام بحملة مضادة لهذه الصورة، وما تتضمنه من مفاهيم خاطئة وخطايا، في صحيفتي “السفير” و”النهار” البيروتيتين وفي محاضرات ولقاءات تلفزيونية واذاعية في لبنان، وكان ذلك جهداً فردياً، ولكن قوته نبعت من حركته في سياق استراتيجية هجومية تلتزم بالثوابت القومية والحقائق الموضوعية.
وافضل ما نصنعه لمناسبة 2002 هو ان ننشط جماعيا، وعلى مستوى الدولة، في اطار استراتيجية كهذه، تهدف الى ما يلي:
1 – التأكيد على تاريخية الكيان الوطني الاردني: وبصورة خاصة تبلوره على المستوى الاقتصادي-الاجتماعي-الثقافي، في الفصل الاخير من العهد العثماني، حين عكس تبلور الكيان الاردني نفسه في قرار عثماني لم يتح له التطبيق باقامة “ولاية معمورة الحميدية” في المنطقة التي اصبحت، فيما بعد، امارة شرق الاردن.
2 – التأكيد على المساهمة الخصبة والمثابرة للحركة الاردنية وفعاليات المجتمع الاردني في كل مدارج ومفاصل حركة التحرر الوطني العربية، فكراً وممارسة: ابتداء من الثورة العربية الكبرى، والثورة السورية، والثورات الفلسطينية، والصراع العربي الاسرائيلي الى فعاليات الحركات السياسية-الفكرية، القومية والبعثية والشيوعية والاسلامية.
3- التأكيد على خصوبة التراث الشعبي الاردني في كل حقوله، وثرائه وابداعاته وطابعه الانساني العميق، وسماته الخاصة ولونه الوطني الاردني المميز.
4-التأكيد على ان الحركة الثقافية الاردنية كانت وما تزال جزءاً لا يتجزأ من الحركة الثقافية العربية تواكبها في كل مراحلها ومفاصلها وتطوراتها…
5 -التأكيد على مكانة المبدعين الاردنيين الكبار في الثقافة العربية المعاصرة وعلى ابداعات الاجيال التالية، والشباب، وفق معايير ابداعية غير بيروقراطية.
***
ولعل خير وسيلة ثقافية ما تزال:
الكتاب. والاستثمار في الكتاب ادوم واكثر اثراً من الاستثمار في اي وسيلة اخرى ما يجعلنا ندعو الى توجيه معظم المخصصات المرصودة لسنة 2002 (للانفاق على فعاليات وبرامج “عمان عاصمة ثقافية للعرب””) الى تمويل برنامج نشر ضخم لطباعة ما لا يقل عن 100 الف نسخة من الكتب التالية، وتوزيعها عربياً، وبيعها باسعار رمزية:
1 – كتاب، تحت اشراف د. محمد عدنان البخيت، حول التكوين الاردني في نهايات العهد العثماني، يستند الى رسائل الدكتوراة. المهمة المنجزة، بالاساس، برعايته، وهي:
(أ) هند ابو الشعر، اربد وجوارها 1850— 1928
(ب) جورج داود، السلط وجوارها 1864— 1921
(ج) نوفان الحمود، عمان وجوارها 1864 – 1921
( وجميعها نشرها البنك الأهلي الأردني)
(د) محمد سالم الطراونة، تاريخ البلقاء ومعان والكرك 1864 – 1918 ( رسالة ماجستير).
2- كتاب، تحت اشراف د.علي محافظة حول التكوين الاردني في القرن العشرين بمساهمة سليمان الموسى وهاني الحوراني وآخرين.
3 – كتاب، تحت اشراف د. احمد ماضي، عن تطور الفكر السياسي الاردني، ومختارات من الكتابات الفكرية السياسية لمثقفين اردنيين من مختلف الاتجاهات.
4 – كتاب، تحت اشراف د. هشام غصيب، عن تطور الفكر الفلسفي والعلمي في الاردن، ومختارات من الكتابات الفلسفية والعلمية.
5 – كتاب «اعلام من الاردن» لسليمان الموسى.
6- الاردن في حرب 1948 وحرب 1967 في كتاب واحد للكاتب نفسه.
7- طبعة معدلة وموجزة من موسوعة «معلمة للتراث الاردني» للاستاذ ركس بن زائد العزيزي.
8- ديوان نمر العدوان وجمهرة اشعار البادية الاردنية.
9- مختارات واسعة من شعر مصطفى وهبي التل.
10-“انت منذ اليوم” و”احزان صحراوية” للكاتب الراحل تيسير سبول.
11 – “مختارات قصصية” ورواية سلطانة للكاتب الراحل غالب هلسا.
12— مختارات من الرواية والقصة الاردنية الحديثة.
13 – مختارات من الشعر الاردني الحديث.
14 – دراسة ومختارات من الفن التشكيلي الاردني التراثي والمعاصر.
15 – دراسة عن الموسيقى والاغنية الفلكلورية والحديثة.
على ان تصدر هذه الكتب عن دار لها قدرات توزيع في معظم البلدان العربية، في طبعات انيقة ومحكمة، ويرافق صدورها الجماعي، حملة اعلامية واسعة على نطاق الوطن العربي.0

Posted in Uncategorized.