اسئلة “النووي”

ناهض حتّر
الارتفاع الكبير الحاصل في قيمة الفاتورة النفطية الاردنية، يضغط، بقوة، على الاقتصاد الوطني، وعلى مستوى معيشة الاردنيين، ويدفع، بالتالي، الى البحث عن بدائل استراتيجية من بينها الطاقة النووية.
ومن الواضح – مثلما قال الملك – ان «قواعد اللعبة – النووية – تغيّرت»، في المنطقة، بعد ان غذّ الايرانيون الخطى في تطوير برنامجهم، وانكسر الحاجز امام مطالبة المصريين والخليجيين بامتلاك برامج نووية للاغراض السلمية، ولا يريد الاردن ان يكون بعيدا عن الاستفادة من هذا التطور، ولذلك عاجل الملك بالاعلان عن السعي الى برنامج نووي اردني.
ويشكل هذا الاعلان – بالدرجة الاولى – اختراقا سياسيا، الهدف منه الانتساب – السياسي – الى النادي النووي، اكثر منه تسجيلا لواقع ما يزال بعيد المنال.
غير ان الخطوة الاولى نحو البرنامج النووي، تكمن في القرار … وقد جرى اتخاذه. ومن الممكن. الآن التفكير في مضمونه، ودراسة اتجاهاته…
اذا كان الاتجاه هو نحو تطوير برنامج تجريبي وبحثي، فهو ضرورة علمية بالطبع، لكنه لا يمثل بديلا استراتيجيا في المدى المنظور، وفي ظل هذه الحدود، فإن «المشروع» وممكن في ظل البنية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية الحالية…

اما اذا كان الاتجاه نحو بناء مفاعل نووي قادر على تلبية الاحتياجات الانتاجية والخدمية والمنزلية من الطاقة – بالاضافة الى الاستخدامات السلمية الاخرى – فاننا – والحالة هذه – نكون امام عدة اسئلة جوهرية:

-1- هل يمكن انجاز هكذا مشروع – بهذا الحجم – وسواه من المشاريع الوطنية الكبرى – من دون وقف الفوضى الاقتصادية والاجتماعية – غير الخلاقة – الناجمة عن سيطرة نهج الليبراليين؟.

هل يمكن انجاز البرنامج النووي الاردني من دون اعادة بناء القطاع العام وتفعيله، ومقرطته، بحيث يتمكن من حشد الاموال والطاقات والقدرات لذلك البرنامج؟

-2- هل يمكن تمويل المفاعل النووي الاردني – بتكاليفه الضخمة – من خلال القروض؟ او المنح والمساعدات؟ او مبادرات القطاع الخاص؟ ام انه علينا ان نفكر – جدياً – بأن الاستراتيجية النووية، تتطلب استراتيجية اقتصادية، اجتماعية جديدة لبناء الرأسمال الوطني وتحشيد المدخرات وفرض الضريبة التصاعدية وتحصيل حقوق الخزينة من الرأسماليين واستئصال الفساد، واعادة النظر في نهج الخصخصة، والحفاظ على ما بقي من عوائدها، واعادة استثماره لصالح القطاع العام.

-3- لا غنى، بالطبع عن التعاون مع دولة نووية لبناء المفاعل الأردني، ولكن الى اي حد؟ هل نملك الخبرات والكوادر اللازمة لادارة البرنامج النووي؟ وهل هي مسألة ابداع فردي .. ام مسألة تحشيد، وبناء السياق العلمي – الاجتماعي، اللازم لاعداد وتأهيل الفريق الوطني .. وهو ما يتطلب اعادة النظر في مجمل العملية الاكاديمية، واحياء البحث العلمي، ومعالجة الضغوط الاجتماعية والمعيشية التي يرزح تحتها الكادر العلمي والمهني..

يبقى القول ان المؤسسة الاردنية الوحيدة القادرة على ادارة البرنامج النووي، هي «القوات المسلحة» بما عرف عن «الجيش العربي» من الوطنية والمؤسسية والقدرة على الانجاز والكفاءة، عدا عن ان «البرنامج» لا يمكن الا ان يكون جزءاً لمنظومة الأمن الوطني.
***
ملاحظة
نبهني مرجع في الحركة الوطنية العراقية الى ان الكاتب العراقي حسن العلوي، ليس مستقلاً، كما ورد خطأ، في مقالتي «العراق للعراقيين» وأنه عمل في صفوف «المعارضة» السابقة سوى انني ما زلت احتفظ بتقديري لأفكاره الساعية الى المصالحة «الوطنية في العراق، متحفظاً – في الوقت نفسه – على موقعه السياسي وارتباطاته.

Posted in Uncategorized.