اقتراحان

ناهض حتّر
اصبح من المتفق عليه ان نظام الانتخابات العامة الحالي، القائم على الصوت الواحد لصالح مرشح واحد في دوائر متعددة المقاعد، هو نظام لا عقلاني ويؤدي الى اخراج السياسة والمنافسة البرامجية من الانتخابات النيابية. وتفسيخ المجتمعات المحلية، واضعاف الاداء البرلماني، وفي الوقت نفسه، عدم الحصول على النتائج المرجوة من التمثيل المباشر للمجتمع المحلي، ذلك ان النائب يكون مقيدا، في هذه الحالة، بتمثيل قسم من المجتمع المحلي على اسس عشائرية ضيقة.

وهناك، الان، اقتراحان معلنان من قبل الحكومة والمعارضة لاصلاح هذا النظام الانتخابي المزعوم.

الاول اقترحه رئيس الوزراء، د. معروف البخيت، وسهولته انه لا يتطلب قانونا جديدا بل تعليمات ادارية حول الدوائر، مناطة، قانونيا، بقرار من مجلس الوزراء.

يقوم الاقتراح على الابقاء على نظام الصوت الواحد، لكن مع تعديل الدوائر، بحيث يكون لكل دائرة مقعد واحد. وهكذا يكون النظام الانتخابي منسجما مع الطريقة البريطانية. ويسمح ذلك، بالتأكيد، بعودة السياسة والتنافس البرامجي الى الانتخابات العامة، ويعيد بناء سياقات لتحالفات سياسية محلية، ويسح للشخصيات العامة بخوض غمار السياق الانتخابي.

لكن هذه الايجابيات ترتبط بكيفية تقسيم الدوائر في المملكة، بحيث تتلافى وجود دوائر مسيطرا عليها من قبل عشيرة واحدة او من قبل تجمع ديمغرافي سياسي واحد. عندها لن يكون لدينا انتخابات عامة، بل تعيين للنواب قائم على انتخابات سابقة داخل العشيرة او التجمع السكاني السياسي. الامر الذي سيهبط بالمجلس الى هيئة مخاتير او وجهاء.

تقسيمات الدوائر، اذا، هي محور هذا الاصلاح، ولا بد من دراستها بدقة متناهية، بحيث يكون في كل دائرة قدر من التنوع العشائري والسكاني، يسمح بالارتباط بالمكان اولا، وباحتياجاته، وبالتنافس السياسي بين البرامج، حيث لا يمكن لعشيرة او تجمع سكاني سياسي ان يحسما الموقف لصالح وجيه او مختار.

على ان ذلك لا يكفي، بالطبع. اذ انه ما يزال ويُغْفل تمثيل الاتجاهات السياسية والاحزاب. ويمكن حل هذه المشكلة بالزام المرشحين في الدوائر الفردية الانتساب الى قوائم معلنة مسبقا تجيّر اليها اصوات الفاشلين في الانتخاب الفردي، ونحصر القوائم -بما جمعته من اصوات الفاشلين- على مقاعد في كوتا على اساس نسبي، خاصة بالمحافظات -اي على مستوى المحافظة لا على المستوى الوطني.

الاقتراح الثاني، جاء من «الملتقى الوطني للانتخابات النيابية» الذي يسيطر عليه الاخوان المسلمون، وهو يقترح نظاما مختلطا بين «التصويت الفردي والتصويت النسبي». وهذا الاقتراح مصمم، تحديدا، لزيادة عدد النواب الاسلاميين في المجلس النيابي، حيث يحصلون على حصتهم الكاملة في مقاعد التصويت الفردي بالاضافة الى ما يتوقعونه من حصة الاسد في التصويت النسبي، في تكرار للتجربة الفلسطينية.

هذا النظام الانتخابي «الاخواني» مرفوض كليا لانه ينطوي على مصالح اجندة خاصة سياسية وحزبية، ولا يقدم اي حل لمشكلة الاصلاح السياسي، بل يعمق الازمة الحاصلة، ويمنع الاتجاهات المحلية والسياسية من التعبير عن نفسها برلمانيا، ويقود، بالتالي، الى انقسام حاد في المجتمع.

يمكن لحكومة د. البخيت ان تكسب الرأي العام الوطني وراء اقتراحها اذا اخذت بملاحظاتنا عن تقسيم الدوائر الفردية، وتجيير اصوات الفاشلين الى كوتا للمحافظات. وستكون هذه خطوة الى الامام في الاصلاح السياسي.

كذلك يمكن للمعارضة -تحت قيادة الاخوان المسلمين- كسب الرأي العام الوطني اذا طورت اجندتها الخاصة، وطورت اقتراحها بحذف التصويت الفردي، والاقتصار على التمثيل النسبي، ولكن على مستوى المساواة بين المحافظات، بغض النظر عن الكثافة السكانية.

Posted in Uncategorized.