اجندة خاصة (1-3)

ناهض حتّر
اشاطر، كالأغلبية، الحاح «الملتقى الوطني للانتخابات النيابية» على اجرائها في موعدها الدستوري. وكذلك على تعديل النظام الانتخابي لضمان التمثيل السياسي الفاعل للمجتمع الاردني والارتقاء بالاداء النيابي، والحفاظ على مكانة البرلمان وصلاحياته الدستورية.

لكن الشيطان .. يكمن في التفاصيل:

اولاً: ان اعادة الكلام على مسألة «عدالة» تمثيل الكثافة السكانية، تقع في باب المحظورات الوطنية، وليست سوى لبوس جديد لاطروحة «الحقوق المنقوصة» المذمومة، اللا-وطنية التخريبية، من حيث انها تريد انشاء نظام الطوائف الديمغرافية السياسية في الاردن، وتعصف بوحدة المملكة، وتدرجها في نطاق الخطة الامريكية «للفوضى الخلاقة» مثلما هو الحال في العراق.

لقد آن الاوان لوضع هذه القصة السوداء خارج النقاش الوطني كلياً، وتحت المساءلة القانونية، لانها تثير الفتنة. وهي جنحة يعاقب عليها قانون العقوبات الاردني.

ثانياً: ان طرح هذه المطالبة، يشق صفوف الحركة الديمقراطية في البلاد، ويسمح، بالتالي، للقوى المعادية للديمقراطية بالحصول على دعم منظور وغير منظور، من قوى وفعاليات شعبية ديمقراطية، لكنها ترى في الحفاظ على الكيان الوطني والوحدة الوطنية، اولوية مطلقة.

ثالثاً: الحديث عن تمثيل الكثافة السكانية في البرلمان، ليس عادلاً بل هو اعتداء صريح على العدالة الاجتماعية الوطنية، فالكثافة السكانية، تتركز في قطاع عمان-الزرقاء، حيث تتركز امكانات التأثير الاقتصادي والسياسي على حساب المحافظات التي تحتاج الى تمثيل سياسي اكبر من اجل «أ» تحصيل حقوقها التنموية والدفاع عن مصالحها والحفاظ على تجذر مواطنيها وكذلك على العلاقة بينها وبين ابنائها النافذين او الناشطين من اولئك المقيمين في عمان.

رابعاً: لا الديمقراطيات الغربية نفسها، العامل الديمغرافي في التمثيل السياسي، وانما الاولوية في التمثيل – كما هو الحال في فرنسا والولايات المتحدة – هي للمكونات الوطنية الجغرافية. وبدراسة الانظمة الانتخابية في الديمقراطيات الغربية، سوف نجد ان العاصمة عمان تحصل – نسبياً – على قدر من التمثيل السياسي البرلماني اكثر مما تحصل عليه باريس او واشنطن او طوكيو.

فلنقفل ،إذن، هذا الملف كلياً ونهائياً.

فلنقفل هذا الملف الذي لا يرتبط باجندة الاصلاح السياسي ولكنه يرتبط باجندات خاصة «أ» باولئك الذين يريدون استغلال التعقيدات الديمغرافية – السياسية في الاردن، والناجمة عن القضية الفلسطينية التي لا تزال معلقة، لتحسين شروط مكاسبهم السياسية الخاصة على حساب فلسطين والاردن «ب» وبالجناح الحماسي من الاخوان المسلمين، المتلهف للاستفادة من التقاطع مع المطالب الامريكية بتغيير اسس التمثيل السياسي الديمغرافي في الاردن، لصالح زيادة التمثيل الاخواني في البرلمان.

وهذا انموذج من نماذج التفاهم الضمني، الاخواني – الامريكي على مستوى المنطقة، حيث تتلاقى المصالح – مثلما هو الحال في العراق ولبنان – اما في الاردن، فاللعبة ليست اقل وضوحاً: يريد الامريكيون احداث تغيير هيكلي في التمثيل السياسي الديمغرافي لحل مشكلة اللاجئين لمصلحة اسرائيل، بينما يريد «الاخوان» اغتنام هذه الفرصة لتحسين حضورهم البرلماني السياسي.

وفي هذا السياق، ايضاً، تأتي مطالبة «الملتقى» الذي يهيمن عليه «الاخوان» باعتماد نظام مختلط بين التصويت الفردي والتصويت النسبي، فهذه المعادلة تضمن للاخوان، حصد اعلى نسبة من المقاعد، حيث يضمنون المقاعد المحلية في «دوائرهم» بالاضافة الى حصة الاسد في التمثيل النسبي.

وكل ذلك يقع في اطار اجندة خاصة، لا هي بالوطنية ولا هي بالديمقراطية، وان كانت تتذرع – وتستفيد – من الاشواق العامة للاصلاح السياسي.

Posted in Uncategorized.