ناهض حتّر
التسريبات والتصريحات الرسمية المتضاربة حول حجم المشاركة الأردنية في الهجوم الامريكي الذي أودى بحياة ابو مصعب الزرقاوي، أعطتنا تأكيداً جديداً على غياب الرؤية الاعلامية الرسمية، وتعدد مصادرها.
بعيد الاعلان العراقي – الامريكي، عن نجاح العملية ضد الزرقاوي، سربت مصادر مسؤولة في عمان، أنها «عملية امريكية – اردنية مشتركة»، ثم جاء النفي العلني، ومن ثم تحجيم تلك المشاركة الى دائرة التعقب وتقديم المعلومات، وهكذا، فقد حدث تشويش ضارّ حول الدور الأردني في العراق. أهو مستقل – مثلما اوحت عملية استدراج واعتقال احد قادة تنظيم «القاعدة» في العراق؟ وهل هو دور منهجي «سياسي وأمني» مثلما اوضح الزميل طاهر العدوان الذي ألمح الى تعاون الأجهزة الأمنية الأردنية مع العشائر وفصائل المقاومة العراقية لمطاردة «القاعدة» وحشرها في الزوايا الضيقة على حدود المثلث السني؟ هل هي عملية «ثأر» أردني مما أقدم عليه تنظيم «القاعدة» في العراق من تفجيرات في عمان، الخريف الماضي؟ أم هي عملية تقديم معلومات للقوات الامريكية.
التلفزيون الأردني لم يستطع ان يكتم فرحته بالعملية الامريكية التي اودت بالزرقاوي، وأعاد تكرار بث أغنيات تتوعد الارهابيين. كأننا في حرب لها التغطية الاعلامية الكاملة للحرب، بما في ذلك الاحتفاء الصحافي بالعملية الامريكية ضد الزرقاوي مع استيهام ضروري، يتمثل في الميل الى حذف الدور الامريكي… والابقاء على «الثأر» الخاص بنا كفضاء للقول والأغاني والنقاش والكتابة والكاريكاتير في موجة تعبر عن رغبة النخبة بالتماهي مع المشروع الامريكي، لدينا ثأر عند «القاعدة» بالطبع، بسبب تفجيرات خريف .2005
من المناسب ان نتذكر، هنا، ان قاتل الزرقاوي هو، ايضاً ارهابي – ولكن بامكانات ضخمة جداً – وهو المسؤول – باحتلاله العراق – عن الفوضى الأمنية والسياسية في هذا البلد الذي اصبح مأوى «للقاعدة» بعد – وليس قبل – الاحتلال. ثم لا ننسى ان المحتلين الامريكيين يمارسون هم ايضاً، وعلى نطاق اوسع – قتل المدنيين وقصف الأعراس (كما في القائم) والمذابح الجماعية (كما في حديثة والاسحاقي الخ) عداك عن العملية الحربية غير المقيدة ضد مدن باكملها كما في الفلوجة التي جرى قصفها بالاسلحة الكيميائية. بماذا اذن، يتفوق بوش الصغير على أبو مصعب الزرقاوي؟ بالقدرات فقط! ولكنه، ايضاً، متعصب دينياً وجزاز رؤوس.
في رأيي، كان من الافضل، الصمت على المشاركة الاردنية في العملية الامريكية بدل الاضطرار الى تقليل حجم تلك المشاركة. اذ ان هناك فارقاً نوعياً بين ان تكون العملية ضد الزرقاوي، «امريكية – اردنية» وبين ان تكون عمان قد قدمت «معلومات».
اخيراً فالرأي العام الاردني الموحد ضد الارهاب، منقسم إزاء العملية الامريكية ضد الزرقاوي، لانها امريكية، وليس، بالضرورة، بسبب هدفها.