ناهض حتّر
اصبحت الصحافة قوة مدنية مؤثرة في الاردن، وقد تمكنت من تأسيس حضورها اللافت، في اطار هامش حرية، ليس كافيا او ثابتا. فهناك الكثير من المحرمات والممنوعات – غير المنصوص عليها قانونيا – ولكنها قائمة بقوة العرف كذلك، فان سقف الحرية يرتفع وينخفض تباعا، ما يتطلب الكثير من المناورة والصبر.
والعديد من الثقوب السود في الصحافة الاردنية، يخلقها الصحافيون انفسهم واشير هنا الى اربعة منها (1) قبول بعض الصحافيين، الحصول على اعطيات مالية ومكاسب من رؤساء الوزراء والوزراء (2) تقاليد الخوف والملق (3) التمويل الاجنبي لبعض الصحافة (الاسبوعية) (4) الاصطفافات القائمة على العصبيات.
وقد تجتمع هذه العناصر معا في احيان عديدة فنرى – مثلا – الاثر المزدوج للمال السياسي والعصبية، في سمفونية تمجيد لشخصية نافذة، وبالمقابل نجد ان التمويل الاجنبي يجعل من صحيفة نشرة متأمركة معادية للمقاومة العراقية، في حين تتحول صحيفة اخرى الى نشرة لترويج قصص مصدرها جهاز مخابرات عربي.
ونضيف الى كل ذلك: الصحافة التابعة للخطة السياسية الحكومية – صحافة التبرير والمدائح. وكذلك صحافة التلفيق والابتزاز واغتيال الشخصية.
واذا كان العالم العربي يتعلم، دائما، من الشقيقة الكبرى مصر، فلا خير ان نتأسى بالمبادرة التي اطلقها صحافيون ديمقراطيون في بلاد النيل، وندعو بدورنا الى بلورة حركة ديمقراطية للصحافيين الاردنيين، هدفها الاول بالطبع هو الدفاع عن حرية الكلمة، بيد ان صدقية هذه الحركة، تتأتى من اعلان اعضائها – تحت القسم – بانهم يرفضون – وسيرفضون – الاعطيات المالية والمكاسب، ان كان مصدرها، حكوميا او خاصا او اجنبيا. عداك عن الالتزام بالموضوعية والضمير المهني والاخلاقي، ورفض الاصطفاف على اساس العصبيات او التعامل مع اجهزة المخابرات.
التقاليد المهنية للصحافة الرفيعة، ترفض المدائح وتعرض موقفها المؤيد بالتحليل والقرائن، كما انها ترفض الشتائم والتعريف الشخصي واختلاق القصص.
اللقاء الديمقراطي للصحافيين الاردنيين، سوف يعزل الحالات المصرة على ان تعيش في الثقوب السود، ويشكل ثقلا لتوسيع رقعة حرية الكلمة، ويقوض مواقف الابتزاز او التستر بالشعارات القومية لاخفاء الصلات مع الاجهزة، او بالشعارات الليبرالية لاخفاء الصلات مع الامريكيين او التكتلات العصبوية، وربما يصبح هذا «اللقاء» دينامو لمرحلة جديدة، اكثر حيوية وتأثيرا من حياة الصحافة الاردنية.