ناهض حتّر
منذ انطلاقة المقاومة العراقية في 10 نيسان ،2003 تراوح الموقف الرسمي الاردني منها، بين التجاهل والادانة والتعاطي الحذر -الميدان السياسي- مع بعض اطرافها الدينية الاكثر اعتدالا.
لم يصدق الامريكيون، ابدا، ان الاردن من دون صلات سياسية وتنظيمية بالمقاومين العراقيين. فالعقلية الامريكية البراجماتية، ترى -عن حق- ان للاردن مصلحة في دعم حلفائه التقليديين في العراق. وترى -عن حق- ان العقلانية تفرض على الدول ان تمشي وراء مصالحها -ولو سرا اذا لم يمكن الجهر-.
لكن الحكومات الاردنية لم تمتلك الحس البراجماتي والعقلانية، لاقامة علاقات وطيدة مع المقاومين العراقيين -الذين لم يفهموا، هم ايضا، لماذا تتجاهلهم عمان، وتشدد -احيانا- على انصارهم!
وللانصاف، فان المسؤولين الاردنيين الذين تحدثت معهم، خلال ال¯ 26 شهرا من حياة المقاومة العراقية – كانوا متعاطفين معها، الا انهم افتقروا دائما الى الثقة بقدرتها على مجابهة المشروع الامريكي في العراق، ولم يمتلكوا الرؤية الاستراتيجية او الجرأة لبناء سياسة اردنية مستقلة -عن الامريكيين- ازاء العراق.
الان، بعد اعتراف الولايات المتحدة بالمقاومة العراقية، ومشروع الفريقين بالتفاوض علنا، لم يعد المقاومون العراقيون بحاجة الى دعم الحكومة الاردنية، الا اذا كان هذا الدعم سياسيا وعلنيا. وبصورة خاصة: الترخيص لمكتب سياسي واعلامي موحد لفصائل المقاومة العراقية في عمان.
ستكون هذه خطوة جريئة ولكنها «محسوبة». فالفيتو الامريكي على التعامل مع المقاومة العراقية، انكسر فعلا. ولم يعد ممكنا تحريم اللقاء معها على الاردنيين، بينما يفاوضها الامريكيون انفسهم.
المشروع الامريكي في العراق، فشل والرهانات الاردنية على «الحليف» اياد علاوي او تحسين العلاقات الاردنية مع حكومة الاحزاب في بغداد، ذهبت ادراج الرياح. وفي الوقت نفسه، فان مسار الاحداث في العراق، يمضي باتجاه واضح: فاذا لم تكن المقاومة العراقية هي «كل السلطة» في عراق المستقبل، فانها ستكون مكونا رئيسيا من اي حل سياسي دائم في البلد الذي يمثل، بالفعل، عمقنا الاستراتيجي.
المطلوب -لادراك ما فاتنا في العراق- هو القليل من الجرأة.. والان. فغدا سنجد انفسنا خارج اللعبة!
نحن نعلم، بالطبع، ان حكومة عدنان بدران هي اضعف من ان تنهض بهذه المهمة. ولكن ماذا عن البرلمان؟ هل هناك ما يمنع مبادرة نيابية في السياسة الخارجية؟ سيكون لذلك فائدة اضافية.