ملاحظات الى الواهمين

ناهض حتّر
الانموذج الامريكي “للديمقراطية” في الشرق الاوسط: المنافسة بين اصدقاء واشنطن، وهامش صغير للتفاهمات.

مثلت المرحلة الاولى من الانتخابات اللبنانية، بدقة، الانموذج الامريكي «للديمقراطية» في الشرق الاوسط، حيث النتائج معروفة مسبقاً، ومن الاسماء المعتمدة في قوائم متفق عليها مع الامريكيين.

جرت انتخابات بيروت في مناخ من الارهاب الفكري والسياسي – والى صدمة الارهاب العنفي – ضد كل القوى والشخصيات المناوئة للاستعمار الامريكي. لم تكن هناك معركة انتخابية، ولم تتجاوز نسبة المشاركين بالتالي، 28 بالمئة من الذين يحق لهم الاقتراع. واللعبة مكشوفة: لا مجال، ابدا، للمنافسة . القائمة – المدعومة أمريكيا – سوف تحصد المقاعد جميعاً .. جميعاً.

معظم المشاركين في الاقتراع هم، في الوقت نفسه، اعضاء «الماكنة الانتخابية» للقائمة الامريكية: موظفون في «الحملة» التي وهبت عشرات الآلاف، وظائف مؤقتة – مثلما كان يحدث في المشاريع الامريكية في شق الطرقات في الخمسينات – وظائف للسواقين والمرافقين والمروجين والشيالين والخطاطين والطباعين و«الشباب» الذين صرفت لهم – بالآلاف – الوجبات السريعة وبطاقات الخليوي.

الجنوب، بالطبع، حصة حزب الله – امل. وسيأخذ هذا التحالف، كامل المقاعد الجنوبية، في اطار التسوية المقبولة امريكيا. وسيشهد الشمال معركة صغيرة هامشية حول بعض المقاعد في صراع محلي ليس له طابع سياسي جوهري، ولكنه يقع في سياق امتحان ترتيب القوى. بالمقابل يتحدى الجنرال ميشال عون، قائمة التسوية في الجبل. ولكنه، في النهاية، ليس بعيدا عن التفاهم الاستراتيجي مع الامريكيين.

اعني ان كل شيء مرتب مسبقاً في هذه الانتخابات الديمقراطية و 90 بالمئة من الناجحين معروفون مسبقاً، وداخلون في اللعبة التي سوف تتسع للذين لم يدركوا القطار الامريكي في الوقت الملائم.

ذلك – بالضبط – ما حدث في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية. فلقد عومل محمود عباس «ابو مازن» كرئيس، قبل اعلان ترشيحه. وكان مفروغاً منه انه سيكون .. الرئيس . والآن، عشية الانتخابات التشريعية الفلسطينية، تجري عملية تهشيم اصابع لتحديد نسبة المقاعد المسموح بها ل¯ «حماس» واذا كانت هذه النسبة اكبر من المسموح، امريكيا واسرائىلياً، فلا بأس ببعض التزوير، والقرارات التضامنية اللازمة جاهزة مسبقاً. ومع ذلك، علينا ان نتذكر ان جميع المتنافسين هم شركاء في صفقة «التهدئة» ولن تكون هناك فرص تنافسية للذين خارج الصفقة.

في العراق، كان جميع المتنافسين – بالاسم – على قائمة واحدة اعدتها الدوائر الامريكية. ولم تعلن اسماء المتنافسين، ولم يعرف الناخبون المرشحين ولا برامجهم.. بل صوتوا طائفياً او عرقياً، وبالتحريض الطائفي او العرقي، او بالتهديد والوعيد .. ولم تكن نتائج الانتخابات تعني شيئا. فكل المتنافسين .. جاءوا على ظهور دبابات الاحتلال.

الانموذج الامريكي «للديمقراطية» في الشرق الاوسط، مصمم على اساس الغاء السياسة، وتنظيم المنافسة على السلطة بين «اصدقاء» الولايات المتحدة، في سياق تفاهمات تستغرق 90 بالمئة من النتائج، وتستأثر بالقرار.

ارادة الشعب ليست في وارد «الديمقراطية» الامريكية. اما معارضو السياسات الامريكية فهؤلاء مجرد «ارهابيين» او «دكتاتوريين» او محافظين عفا عليهم الزمن، وليس من حق جميع هؤلاء المشاركة في اللعبة «الديمقراطية»!

لن يتغير شيء بالانتقال الامريكي الى «الديمقراطية» العربية سوى الآتي:

1 – التعيين بالانتخاب بديلاً عن التعيين الاداري،

2 – التعيين ذاك يتم بالتفاهم مع السفارة الامريكية، بديلا عن الاجهزة الامنية.

3 – «المعارضة» الجزئية ممكنة في اطار الولاء للاستعمار الامريكي، بديلا عن الولاء للانظمة الحاكمة

ولا عزاء للمواطنيين .. او للارادة الشعبية.

Posted in Uncategorized.