صنعناه بأيدينا!

ناهض حتّر
الدعوة التي وجهتها الامم المتحدة الى اسرائيل للمشاركة في قوات حفظ السلام الدولية، تمثل تطورا خطيرا للغاية، من حيث انها الخطوة قبل الاخيرة في التفكيك الشامل لعزلة اسرائيل الدولية. ففي المرة القادمة، سوف تحصل تل ابيب على عضوية (غير دائمة) في مجلس الامن الدولي. وهكذا تكون الدولة الصهيونية العنصرية، قد تمكنت من استكمال كافة عناصر الشرعية الدولية من دون الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة سنة 67 او تنفيذ القرار 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارض وطنهم.

يمكن للمرء ان يشد شعر رأسه ازاء انحطاط السياسة الدولية الى هذا الدرك، خصوصا حين يرى الجنود الاسرائيليين الذين —- ايديهم من دماء الفلسطينيين، مشاركين في حفظ السلام في مناطق النزاعات في العالم.. بل ربما في السودان او حتى لبنان!!

مشاركة القوات الاسرائيلية الغاصبة المحتلة المشغولة بحماية الاستيطان، وقتل الاطفال الفلسطينيين، تفتقر الى الحد الادنى من العقلانية او الرشاد او الاحساس السليم او المعايير الاخلاقية. وعلى الرغم من ذلك، فالخطوة تحدث، ولا تستنكرها العواصم العربية -بما فيها رام الله-!- بل ولا تناقشها الجهات المعنية بالقانون الدولي. فاسرائيل طرف في نزاعات قائمة بالفعل، وتجهر بالامتناع عن تطبيق القرارات الدولية بخصوص هذه النزاعات، وهي تعيش حالة عداء متبادل مع الشعوب العربية والاسلامية، فهل يمكن، من وجهة نظر قانونية وسياسية، القبول باسرائيل في تكوين هيئات وقوات تطبيق الشرعية الدولية؟!

منذ اتفاقية اوسلو ،1993 حصلت اسرائيل -بفضل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها-على مكاسب تفوق الخيال، فلم تبق دولة لم تعترف بتل ابيب او لم ترسل سفيرا اليها -وكسرت الدولة الصهيونية -التي لم تعد تتساوى مع العنصرية!- حاجز المقاطعة العربية والاسلامية. وخسر الفلسطينيون بذلك عناصر القوة الاساسية التي كانت في ايديهم، وبالنظر الى تفوق اسرائيل العسكري والامني، لم يعد امامهم سوى القبول بتحويل القضية الفلسطينية الى شأن اسرائيلي داخلي، وموضوع تفاوض بين الاحزاب الاسرائيلية، لا يملك الفلسطينيون حق الاعتراض على نتائجه. وهم مضطرون -سلطة المعارضة- الى التساوق معها او الوقوع في العزلة الدولية وعمليات القتل الاسرائيلية.

عند هذه النقطة يستطيع شارون التبجح بانه لن ينسحب من الجولان بينما يقوم المجتمع الدولي بمحاسبة سورية!.. وتكاد رؤوسنا ان تنفلق قهرا. فهذا ما صنعناه بايدينا او سكتنا عليه تواطؤا او خوفا.

Posted in Uncategorized.