ناهض حتّر
بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي، ابراهيم الجعفري. فان الوقت ليس ملائما لانسحاب القوات الامريكية من العراق. انه يصب في مصلحة “الارهابيين” بتعبير “المجاهد” القديم في “حزب الدعوة”.
هذه التصريحات هي نكوص صريح عن الوعود الانتخابية التي اطلقها الجعفري وشركاؤه، الذين ادعوا انهم ضد الاحتلال، ويناضلون ضده «بالوسائل السلمية» وسيطالبونه بالخروج بعد انتخابهم وحصولهم على الشرعية.
ولكن الجعفري غير مهتم بارضاء العراقيين ولم- ولن- يحقق ايا من الوعود التي قطعها لهم، لا في السيادة الوطنية، ولا حتى في تأمين الخدمات العامة او الوظائف او الأمن. انه، بالمقابل مشدود الى ارضاء حاميه، بوش الصغير الذي يتعرض لضغوط داخلية تطالبه بجدولة الانسحاب من العراق. وهو اراد ان يأتي بالجعفري الى واشنطن، لكي يساعده في الجدل الدائر هناك حول فشل الحرب العراقية.
للجعفري وسائل اخرى في «اقناع» العراقيين: ارهاب الدولة الميليشيوية، ابتداء من الاعتقالات وانتهاء بالقتل. وكذلك: «التجييش الطائفي. ومع ذلك، فقد نزل فقراء الشيعة الى الشارع، منددين بحكومته. فاذا كان موضوع السيادة الوطنية، يمكن تحويله الى مسألة فقهية، فان الجوع ومعوبات العيش الدنيوية؛ ندرة المياه الصالحة للشرب، وانقطاع الكهرباء، وتراجع التموين.. كلها مسائل لا تحلها الفتاوى.
يعرف الجعفري- وشركاؤه – ان الاحتلال يلفظ انفاسه الاخيرة. فهو عاجز عن السيطرة على المقاومة التي يقر الجنرال جون ابي زيد، صراحة، بانها «لم تضعف»، بينما يتزايد المطالبون بجدولة الانسحاب الى اغلبية «52 بالمئة من الامريكيين» وينضم اليهم عتاة من «الحزب الجمهوري» – حزب الرئىس. لقد اصبح الانسحاب مسألة وقت.
ماذا يفعل الجعفري – وشركاؤه – في الاثناء،اي حتى الانسحاب الامريكي في العام المقبل؟ انهم يحضرون لتقسيم البلد عبر عمليات التطهير الطائفي ضد السنة – ابتداء من محيط بغداد – وعمليات التطهير العرقي ضد العرب في كركوك. باختصار، فان طرفي الائتلاف الحاكم منشغلان الآن بتهيئة الجغرافيا والديمغرافيا لاقامة كيان شيعي في جنوب ووسط العراق، وآخر كردي في الشمال، ويحاولان الحصول على اكبر قدر من الاراضي، بينما تقوم القوات الامريكية بتدمير المحافظات الغربية والانتقام من العشائر العربية السنية.
انها مقتلة علنية تحدث امام اعين العالم المتحضر، من دون كلمة احتجاج، بينما تأخر اعلان الجبهة الوطنية العراقية، الى حد اصبح يهدد وحدة العراق.