العراق في الاستراتيجية الاسرائيلية.. وفي الاستراتيجية المضادة

ناهض حتّر
هل يمكن لايران ان تتبع استراتيجيتين، الاولى معادية لاسرائىل على المستوى الاقليمي – في فلسطين ولبنان وسورية – والثانية تحقق الاستراتيجية الاسرائىلية – حرفياً – في العراق؟ فما هي هذه الاستراتيجية الاخيرة؟ لقد أعفانا جنرالات وباحثون اسرائىليون من التحليل والسجال:

يقول «جاي باخور» الباحث في «مركز هرتسليا» ما يلي: اذا لم يسفر الاحتلال الامريكي عن تقسيم العراق، فهو فاشل. فالمعيار الذي يحدده باخور لتحقيق الاهداف الامريكية – الاسرائىلية من الحرب على العراق، هو « القضاء على الوحدة الجغرافية العراقية، وتسهيل اقامة دويلات طائفية في البلد».

ويقول عاموس مالكا، الرئيس الاسبق لشعبة الاستخبارات الاسرائىلية «ان غياب العراق عن خارطة المنطقة – بمساحته الحالية ووحدة اقاليمه – سيكون عاملاً مهماً في تقليص المخاطر الاستراتيجية على اسرائىل» ويؤكد ان « تقسيم العراق يقلص من امكانية الاستفادة من الطاقات البشرية والمادية التي يتمتع بها هذا البلد».

في حين دعا الجنرال داني روتشليد – الباحث السابق في الجهاز نفسه، الى قيام اسرائيل بمحاولات لتطوير علاقات ثنائىة مع الكانتونات العراقية المستقبلية، مشيراً الى « العلاقات التاريخية» مع الانفصاليين الاكراد في الشمال.

* * *

نعود الى السؤال المطروح على ايران: كيف تعالج التطابق المقام بين مصالحها ومصالح اسرائىل في العراق؟

هل العداء الايراني للصهيونية واسرائىل، حقيقي، بمعنى انه يعبّر عن مصالح الاستراتيجية كقوة اقليمية تريد الاندماج واعادة تأسيس الشرق الاسلامي كمنطقة مستقلة ذات سيادة، تكون مسرحاً لمشروع تنموي وتضامن اقتصادي واجتماعي وسياسي وانفتاح ثقافي، يكون قادراً على المنافسة الدولية؟

– في هذه الحالة، لا غنى عن العراق الموحد المزدهر المستقل المتحرر. فالعراق مؤهل – بالترابط بين ديمغرافيته الكثيفة وتجمعه العريق، وثقافته ونخبته العصرية وثرواته النفطية والزراعية – لاحداث قطيعة مع التخلف، وامتلاك شروط التقانة والتصنيع والمنافسة الدولية وتنظيم قوة دفاعية عصرية مؤثرة.

وهذه الميزات – العراقية – غير متوفرة في اي بلد آخر في المشرق العربي. بينما تمتلك بعضها ايران وتركيا. ويمكننا ان نتصور بالطبع، كتلة اقليمية اسلامية ذات وزن دولي بشراكة ندية بين الاتراك والايرانيين والعراقيين.

عندها سوف يكون العراق لحمة الكتلة «1» فهو – كبلد سني شيعي – له ميزة الجسر بين تركيا السنية وايران الشيعية – «2» وهو – كبلد عربي مركزي – له ميزة اجتذاب العرب الى الكتلة الاسلامية «3» كذلك فان استعداده السياسي والثقافي – غير المتوفر لدى تركيا وايران – لحل المشكلة الكردية حلاً ديمقراطياً سوف يدمج الاكراد في الدول الثلاث في الكتلة الاسلامية السياسية – التنموية.

هكذا تصبح مساعدة العراقيين على تجاوز الانقسام الطائفي، والتقسيم، واستعادة وحدة البلد، واعادة تأسيس الدولة الوطنية، مهمة استراتيجية ايرانية تستبعدها طهران الآن وتغرق في اوحال الاطماع الاقليمية في الوطن العراقي الجريح، ما يجعلها – اي طهران – جزءاً من المشروع الاسرائيلي .. وليس الاسلامي. فتقسيم العراق – حتى لو ذهب جزء منه الى التابعية الايرانية – هو أسّ الاستراتيجية الاسرائيلية.

مع احترامنا لحزب الله – وبطولاته – وحماس – وتمثيلها للشارع الفلسطيني – وسورية – وممانعتها – فاننا نتحدث، في هذه الحالات الثلاث، عن قوى صغيرة اعتراضية – محكومة بأحجامها وقدراتها – وهي لا تستطيع – مجتمعة – ان تشكل حلفاً مؤثراً ضد المشروع الامريكي – الاسرائىلي، ولا تملك القدرة على ادماج المشرق العربي في كتلة اسلامية نهضوية. ولذلك، فان الدعم الايراني لهذه الاطراف في مواجهة اسرائىل، يظل تكتيكياً، في حين ان ساحة المجابهة الرئيسية مع امريكا واسرائىل، هي العراق، حيث تقوم ايران بخدمة العدوّ!

في خدمة العدو ايضا – وتحت رايته – تتسابق القوى الطائفية والاثنية العراقية، واعية او غير واعية، تلك التي تتواطأ على مشروع التقسيم: الاحزاب الاقطاعية المتأسرلة – صراحة في كردستان العراق – القاعدة وحلفاؤها الطائفيون السّنة في المحافظات الغربية «الامارة الاسلامية!» وعبد العزيز الحكيم وشركاه من مليشيات الموت الطائفية الشيعية في الكانتون الشيعي!

كل هذه الاطراف المتقاتلة حتى الموت .. تعمل تحت المظلة الاسرائىلية، وتوغل في دماء العراقيين من اجل تحقيق اهداف تل ابيب في العراق.

Posted in Uncategorized.