ناهض حتّر
فريقان من الشامتين، ظهرا بعد سقوط كتلة نواب الـ 48 : اليسار القومجي العدمي، ومن اليمين الكمبرادوري. الفريق الاول يريد اثبات ثورية سهلة استهلاكية بالهزء من البرلمان. والفريق الثاني يريد تسخيف «نواب المحافظات»- على حد تعبير احدى الصحف الاسبوعية- لشل دورهم السياسي نهائيا في عرقلة التفكيك.
الشماتة لئيمة وليست من شيم الاردنيين. ولكنها، مع ذلك، اداة سياسية. فلن نعاملها اخلاقيا، بل نعيد التأكيد على الخط الثالث الذي اتبعناه. وهو تعضيد ودفع مجلس النواب لاحتلال موقعه المركزي في النظام السياسي الاردني، وتكوين معارضة نيابية وطنية مرتبطة بالمجتمع المحلي وقواه الحيّة. لا بالاستراتيجيات الخاصة بالاسلام السياسي او «بالاجهزة» القومية. وذلك من دون التهاون في النقد الجذري للاداء النيابي الضعيف او الانتهازي.
الثورية ليست مسطرة حديدية حادة الزوايا. فالدرس الاساسي من لينين« شيخ الثوريين» هو «تحليل الشروط الملموسة للظواهر الملموسة». هذا يعني نبذ الكليشيهات الذهنية البلهاء، والتعامل مع الواقع العياني، واكتشاف حركته الداخلية، واستنهاض الميول الديمقراطية والشعبية في هذه الحركة ، بما في ذلك «تعيين العناصر التقدمية في التيار الرجعي، والعناصر الرجعية في التيار التقدمي». والدفع بالحركة كلها الى الامام، في مغامرة نظرية وسياسية وشخصية، خطرة ولكن لابد منها من اجل احداث تراكم ايجابي.
لم احسب كتلة ال¯ 48 حزبا بلشفيا، ولا حتى حزبا، بل حركة احتجاج مؤقتة على احتداد البرنامج الحكومي الكمبرادوري.
وانني لاعتز بمشاركتي للذين مارسوا على هؤلاء النواب، الضغط المعنوي الايجابي المشروع في مواجهة الضغوط الحكومية. وكانت المحصلة، بالطبع، تعبيرا عن ميزان القوى القائم في البلاد.
لقد حققت الحركة الديمقراطية الاجتماعية، نجاحات في المعركة ضد حكومة عدنان بدران، منها «1» تعميق وتوسيع الوعي السياسي بالازمة الوطنية، وتوضيح مضامينها وابعادها «2» انضمام عدد من نواب الموالاة الى المعارضة «3» اجتذاب مواطنين «نائمين» الى العمل السياسي «4» تعميق عزلة حكومة الكمبرادور التي اضطرت على كل حال الى تقديم تنازلات- ولو جزئية او شكلية- «5» تعميق القناعة العامة بموت الاسلوب التقليدي في تشكيل الحكومات «6» اظهار عقم قانون الانتخابات العامة الحالي الذي ينتج نوابا عاجزين عن تمثيل الامة «7» التمهيد لمعارك نيابية وسياسية واعلامية تالية، كفيلة بترحيل الحكومة، كتمرين على معارك ترحيل الكمبرادور.
نحن ندين ضعف التكوين السياسي في صفوف النواب، لكننا سنظل ندافع عن هيئة المجلس النيابي، وندعم المعارضين، ونعضد كل حركة احتجاجية او اعتراضية في مواجهة البرنامج الكمبرادوري. ولن نهدم بأيدينا أية «استحكامات» في الصراع، – حتى لو كانت واهية- الى ان نستطيع بناء استحكامات جديدة.
لن نوفر جهدا ولا كلمة ولا دقيقة في الدفاع عن الاردن والديمقراطية والمجتمع.