الاحتمالات مفتوحة

ناهض حتّر
اطلق اعضاء في الادارة الامريكية، سلسلة من التوضيحات للتقليل من اهمية مشاركة واشنطن في اجتماع دول الجوار العراقي -بما في ذلك ايران وسورية -في بغداد، منتصف الشهر الجاري.
ذكّرت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، بأن «العراق هو الذي وجه الدعوة» للبلدين، المطلوب منهما «التعاون البنّاء» -اي، ضمناً، غير المشروط -واستبعد الناطق باسم الوزارة، شون ماكورماك عقد لقاءات ثنائىة، معهما.
كذلك، فان اجتماع الامريكيين والايرانيين والسوريين على طاولة واحدة في بغداد، لن يضع خطط البيت الابيض لضرب ايران وعزل سورية على الرفّ. ويمكن النظر في تحويل الاجتماع نفسه الى مادة دعائىة لصالح تلك الخطط، بالقول: اننا بذلنا قصارى جهدنا: ومع ذلك، فهذه هي المرة الاولى التي توافق فيها ادارة بوش الصغير على المشاركة في لقاء علني حول العراق، مع ممثلي الدولتين اللتين تعتبرهما الادارة معاديتين، وعابثتين باستقرار البلد المحتل، بينما يقترح تقرير بيكر -هاملتون، الصادر عن تفاهم جمهوري -ديمقراطي، ضرورة التفاوض معهما من اجل التوصل الى النجاح في الخروج من العراق.
لا نستطيع ان نغفل، هنا، عاملين يقودان البيت الابيض، الى التعامل مع ذلك الاقتراح، اولهما: الضغط السياسي الداخلي الذي تمارسه المعارضة الامريكية في الكونغرس والصحافة والشارع، وثانيهما، بوادر الفشل الذريع للخطة الامنية الجديدة التي ما يزال بوش الصغير، يكابر بالمراهنة عليها.
وخلال الـ 15 يوماً القادمة، سيكون هناك، بالتأكيد، مستجدات على ذينك الصعيدين، قد تدفع بأن يؤدي اجتماع بغداد الى «كسر الجليد»، كما يأمل وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري. وبالمقابل، قد يصبح الاجتماع ما يشبه حلقة من «الاتجاه المعاكس».
لا اتحدث عن تغييرات دراماتيكية، ولكن عن اتجاه سوف ينكشف في حينه، بحيث يتضح فيما اذا كان البيت الابيض، يسير نحو الخضوع لتوصيات بيكر -هاملتون، او نسخة معدلة منها او نحو الحرب، جزئىاً أو كلياً.
نذكّر، هنا، بالوصف الدقيق الذي اطلقه رئيس مصلحة تشخيص النظام الايراني، هاشمي رفسنجاني، لوضع الادارة الامريكية «كنمر جريح خطر»، ما يعني ان هناك ضغوطاً داخلية في طهران، لتلافي الصدام -«مع هذا النمر»-حتى يترنح ويسقط.
في الولايات المتحدة، بدأت بالفعل، الحملات الاولى للمرشحين الرئاسيين، ويتبارى الديمقراطيون، منهم، بالاعلان عن رؤى جذرية للانسحاب من العراق. وسوف يلقي هذا الشعار بظلاله الكثيفة على كل الحياة السياسية الامريكية، خصوصاً وان التحشيد الديمقراطي في الكونغرس، حول العراق، يتجه الى كسر العظم.
وينتظر العراق تطورات ساخنة جداً على الصعيد الميداني، حيث سيبدأ، عما قريب، الردّ العملياتي على الخطة الامريكية، وسياسياً على خلفية تفاعلات بين كتل واطراف العملية السياسية، وداخلها.
أعني: ان الاحتمالات مفتوحة -والوقت قصير -وربما يكون من غير الحكمة، بالنسبة لأي طرف اقليمي، أن يتجاهل ذلك. وما يعنينا، بصورة خاصة، التأكيد على اولوية اللقاء الاردني -السوري، في هذه اللحظة بالذات، لئلا تتفاجأ دمشق بالحرب… او تتفاجأ عمان بتطبيق توصيات بيكر -هاملتون!.

Posted in Uncategorized.